مجله الاستاذ (صفحة 903)

بالظواهر يظن أن تلك الأعمال إنما نشأت عن اعتقاد ذلك الأصل ومن مثل هذا الانحراف وقع التحريف والتبديل في بعض أصول الأديان غالباً وهو علة البدع والنحل في كل دين وكثيراً ما كان هذا الانحراف وما يتبعه من البدع منشأ لفساد الطباع وقبائح الأعمال حتى أفضى بمن ابتلاهم الله تعالى به إلى الهلاك وهذا يحمل بعض من لا خبرة لهم على الطعن في دين من الأديان أو عقيدة من العقائد ألحقة استناداً على أعمال بعض السذج المنتسبين إلى الدين أو العقيدة. ومن ذلك عقيدة القضاء والقدر التي تعد من أصول العقائد في الديانة الإسلامية فقد كثر فيها لغط بعض الإفرنج وزعموا أنها ما تمكنت من نفوس قوم إلا وسلبتهم الهمة والقوة وحكمت فيهم الضعف والضعة ورموا المسلمين بصفات ونسبوا إليهم أطوارا حصروا علتها في اعتقاد القضاء والقدر وقالوا أن المسلمين في فقر وتأخر في القوى الحربية والسياسية عن سائر الأمم وقد نشأ فيهم الكذب والنفاق والخيانة والتحاقد والتباغض وتفرقت كلمتهم وجهلوا أحوالهم الحاضرة والمستقبلة وغفلوا عما ينفعهم وما يضرهم وقنعوا بحياة يأكلون ويشربون فيها وينامون ثم لا ينافسوا غيرهم في فضيلة ومتى أمكن أحدهم أتن يضر أخاه لا يقصر في ذلك فجعلوا بأسهم بنهم والأمم من ورائهم تبتلعهم لقمة لقمة وقد رضوا بكل عارض واستعدوا لقبول كل حادث وركنوا إلى السكون في زوايا بيتهم. والأمراء منهم يقطعون أزمنتهم في اللهو واللعب ومعاطاة الشهوات وعليهم فروض وواجبات تستغرق أعمارهم في

أدائها ولا يؤدون شيئاً منها يصرفون أموالهم فيما يقطعون به زمانهم أسرافاً وتبذيراً ولا ينال ملتهم وأوطانهم منهم شيء. وقد خلطوا المصالح العامة بالمصالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015