بقلم الأديب المجيد محمد رفيق بك العظم الدمشقي
أسباب الحرب هي بواعثها الجوهرية وتنحصر في أمرين الأول مجرد حب التغلب والثاني العداوة السابقة أما حب التغلب الذي هو ثمرة الطمع فإنه ملكة تدفع صاحبا إلى استجلاب المنفعة إلهي بالخروج عن دائرة السكون إلى براح الحركة طلباً للمزيد على ما لديه من القوة والسلطان والممالك والبلدان كما هو شأن المجتمع الدولي المنتظم من هيئة الدول العظام بخلاف الشعوب المتبربرة والأمم المتوحشة ممن يؤثرون الرحلة على المقام فإنما منفعتهم عبارة عن مجرد السلب والنهب اللذين هما مادة ارتزاق أولئك الأقوام. ويحسن أن نسمي الحرب الناشئة عن هذا السبب حرباً مجردة.
وأما العداوة السابقة فهي أما أن تكون ناشئة عن تعدٍ قديم يوجب إيغار الصدور حتى إذا جاء ألقت المناسب للانتقام وأمكنت الفرصة استحال السكون إلى حركة تضطر للتألب سعياً وراء الأخذ بالثأر واسترجاعاً للحق المغصب أو الشرف المسلوب فإن الإنسان مطبوع على إباء الضيم والأنفة من اهتضام الحقوق ومن هنا نشأت المخاصمات والمنازعات التي كانت علة لوضع القوانين بين الناس. وأما أن تكون منبعثة عن حب الرآسة والرغبة في الاستئثار بالمنفعة مما لا مصدر له إلا الحسد الذميم الذي يتولد في عناصر الأمم فيدعو إلى البغضاء ويبعث على الشحناء ويهيج النفوس لحب إزالة النعم ويناسب أن تلقب الحرب المنبعثة عن هذا السبب حرباً غير مجردة.
فهذه هي أسباب الحروب المستمرة التي فطر الإنسان على إثارتها فجرّ