مجله الاستاذ (صفحة 801)

فعل ملوك الاستبداد وما كشف لأهل الشرق حقائق الأوهام إلا تلك المخالطة المباركة التي استفاد بها الأوروبيون مالاً واستفاد الشرقيون منها علوماً ولئن تجزأت أقطارهم ووقع الكثير منها تحت سوط استعباد أوروبا ولم يبق إلا رأس الجسم الشرقي وقلب حياته فلسوف ترينا الأيام من تدافع القوى الفكرية في جميع الأمم الشرقية ما يحملها على التخلص من ذلك الاستعباد بضغط المستعبد وسلبه حقوقهم وإكراههم على التخلي عما ألفوه واعتقدوه فإن الشرقيين ليسوا نوعاً غير نوع الإنسان حتى يحكم عليهم بعدم مجاراة الأمم التي خضعت لغيرها بحكم الضعف والجهل حتى تربت وقويت مادتها العلمية فحملتها على الرجوع إلى ما كان عليه السابقون من سكان أرض هم أحق بها وأهلها. وكأني بجاهل بحقائق الأمم وكيفية تكوين الدول بالتربية والاختلاط يعترض على هذا الكلام بل يسخر منه اغتراراً بقوّة من اشتروه بثمن نعل فنكل أمره إلى المستقبل حتى تناديه أمم الشرق قائلة أن تسخروا

منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون. ولا يظن جاهل أن تلك الحركات الشرقية ثورة عدوانية أو اضطراب فوضوي فإنما هي قوّة فكرية تمكنها منها حركات أوروبا بين دافع ومدفوع فيخلوا الجو لأمم الشرق تحت مراقبة الغرب يوم يساوي الشرقي الغربي في التصرُّف في الأمور بالحذق والدهاء والصبر على الشدائد ولئن استبعدنا حصول ذلك في قرن نحن في أوله كما يزعم المموهون فإننا لا نستبعد حصول ذلك في قرن نحن في أوله كما يزعم الموهون فإننا لا نستبعد أن تلد الأيام من حوادث أوروبا ما يمتعنا بنوال تلك الأمنية عن قريب فكم في بطون الليالي من بواعث لم تستعد لها أوروبا الآن وما دامت الأطماع تزيد والأفكار تتوارد على الأمم رغبة ورهبة فالسكون يكون نسبياُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015