مجله الاستاذ (صفحة 769)

وتصورت المطالب أمامهم بصُور الواقعيات وما أوصلهم لهذه الغاية إلا اعتمادهم على الفضلاء والأذكياء منهم حتى اضطراب الأغنياء والوجهاء لدراسة العلوم والفنون السياسية التي بها ترشحوا للدخول في أندية الشورى وما زالوا يزاولون العلوم ويبحثون في الأمم والدول حتى قبضوا على أزمة الملك بعصبية قوية ووقفوا أمام ملوكهم حصوناً تقيهم الفتن الداخلية والغوائل الخارجية. فماذا على الشرقيين لو جاروهم في هذا الطريق وهي سهلة لا حزن فيها ولا وعورة ولا يلزم للدخول فيها أكثر من انتخاب العقلاء والفضلاء وانسلاخ أهل الذاتيات من التوجه إلى الوجهة الأجنبية وجمع الكلمة على توحيد السير في مذهب وطني لنخرج من مضيق هذه المصيبة التي أصيب بها بعض نبهاء الشرق من خدمة الأجنبي ولو بيع الوطن إليه. وما وضعهم في هذه النقطة الذميمة إلا التربية الأجنبية من جهة وتغافل الملوك عنهم من جهة أخرى ولكنهم لو تمعنوا الأمر وجمعوا كلمتهم على خدمة ممالكهم لا مكنهم أن يستميلوا الملوك لآرائهم النافعة ويستخدموا العظماء في المصالح التي تهدي إليها الاستشارة وتنقيح الآراء فإن تيار الأفكار والأعمال إذا انصب في أمة ساق المجموع أمامه وشغل كل إنسان عن سواه فتنصرف الأفكار إلى الوجهة التي جرى فيها والغاية التي ينتهي إليها فيكون كلٌ عاملاً مشتغلاً بفرع من فروع الأصل الإصلاحي ولا تسعى الملوك خلف شيء غير إصلاح ممالكها وتقوّي رعاياها على دفع العدو ومنع الخلل وتشييد دعائم المملكة بما يزيدها عظماً وضخامة

ويكسبها ثروة ومدنية وإلا فما حظ الملك منهم من اختلاف آراء الأمم وتخاذل الناس عن نصره والتجائهم إلى الغير يخدمونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015