محملقة ولسانه طلق بالدعاء والشكوى حتى إذا نقدته درهماً أو جيناراً هش وبش ومال على يدك لثما وحلف أنه صار لك عبداً وزوّدك دعوات بلفظ فخم يرتفع لهُ الصدر وينخفض كأنه من قلب مخلص وما ذلّ إلا توسلاً ولا دعا إلا فتحاً لباب العود كلما مست الحاجة. ومن كانت هذه صفته يصرفه عنك الغير بلقمة يزيدها له وثوب يعطيه إياه فإذا زاده ديناراً على أن يقذفك ويهجوك أضحك الناس بما يفتريه عليك وابتدع لك عيوباً ليست فيك ونسب إليك أقوالاً وأفعالاً تدنس المجد وتثلم الشرف. فالعقل من إذا نزلت به النوازل اعتصم بإخوان الوطنية وكان من آراء الغير على حذر ونحن معاشر الشرقيين في حاجة إلى نقد الأفكار وتفتيش الآراء حتى فيما يصدر منا في الشؤُون الأهلية لنبذ الضار والأخذ بالنافع فقد يصدر الرأي من إنسان عن الإخلاص ويكون قد تلوت عليه المطالب فيخرج الرأي فطيراً يضرنا الأخذ به وأن كان صاحبه لم يقصد الضرر ولا ينبغي الاعتماد على ذوي المظاهر العلمية والإدارية قبل أن نعرض أفكارهم على المبادئ والخواتيم فإن الحائز لثقة الناس به كثيراً ما تدعوه العجلة للسقوط في وهدة الارتباك فيقول من غير تروٍ ويعمل بغير تدبير لعلمه بأنه لا يعارض قوله ولا يقبح عمله. وقد درست الأمم الغربية هذه المقدمات وعلمت ما وراء الاقتداء بالنزلاء وأهل الشهرة من الانحطاط فاعتمدت على مجالس شوراها لتستخلص من تضارب الأفكار واختلاف الأحزاب قواعد لا تنقضها الحوادث وقوانين تلائم التابع والمتبوع وتبقى بها دعائم الدولة قائمة على أساس متين ولم تتوصل لهذا المقصد الحسن إلا باعتمادها على من