العدد 33 - بتاريخ: 4 - 4 - 1893
اقتد بمن إذا أسبغت عليكم النعم كان مهنئاً معك وإذا نزلت بك مصيبة كان معك معزّى فإن إخلاص النصح من غيره لا يتأتى إلا إذا عاد لبطن أمه وولد مرة ثانية في أرض مس ترابها جسمك وليداً وخدمت في إصلاحها شاباً ودبرت شأنها شيخاً. وكيف يقتدي العاقل بنازح عن داره وقد لطفت هواءً وعذبت ماءً وطابت مقرّاً وكثرت خصباً فلم يرض ما رضي به آباؤه واستهجن ما استحسنه أجداده وقطع رحماً تجب صلتها عليه وهجر عشيرة بين رجالها ولد ومن أظاهرها رضع وعلى عاداتها شب وبلغتها تكلم وخرج يضرب وجه الأرض بنعليه ارتحالاً لا يحمل غير كف الحاجة ووجه السؤال يتفيأ ظلال غني يستميحه أو وجيه يستجديه أو عظيم يخدمه أو أمير يتصيد بالانتماء إليه أو أبدا الثراء لا يبالي في أية بلاد رمى سهمه ولا بأية يد تناول قوته فإذا اختلفت آراء من استضافهم في نازلة تقدح فيها زناد الأفكار كان مع اليد التي تناولته من أيدي الحاجة وأنقذته من