أنها ضارة بالدين.
فيا حبذا لو نظروا غليها بعين الاعتبار وأنزلوها ولو بمنزلة القصص الوهمية أو بعض الأخبار مع أنها وقيم الله أسمى من ذلك بكثير إذ هي للصانع والكاتب والحاسب والشاعر خير أنيس وجليس وهي لازمة أشد اللزوم لمن يريد أن يعتمد في حياته على إشغال العقل وأعمال الفكرة مهما كان البحث الذي يشتغل فيه.
ألا ترى الذي تثقف عقله بها واستنار بسناها يسير على طريق الهدى في سواها من المعارف والعلوم بخلاف غيره فإنه يخبط خبط عشواء في الليلة الدهماء حيث يخلط بين الثابت والمتغير والمتمرن على طريقتها يسرع على البحث عن العلل ومعرفة ثابتها من متغيرها وتعيين التغيير الذي يلحق بالمعلول من تغيرها.
فإذا نظرنا إلى قول الطبيعي الرياضي عن حرارة الشمس مثلاً لوجدناه يقول إن الله تعالى جعل حرارة كل يوم من الأيام تابعة لأمرين وهما موقع الشمس في السماء والعوامل الجوية وأخصها جهة الريح الهابة يومئذٍ ومن نظر إلى الأرض يرى الحر والبرد يتعاقبانها وأجزاؤُها تجتمع ثم تتألف وتتفرق والجذب والدفع متسلطين على كل ذرة منها فالحرارة تمدد دقائق الأجسام وتفرقها وتصيرها بخاراً بخلق الله والجذب يقرب هذه الدقائق ويرجعها سائلاً يكون الأمطار التي تملأُ البحار والأنهار بأمر الله والهواء والماء يخترقان الصخور ويفتتانها والجواذب الطبيعية والقوى الكيماوية والحيوية تجمع هذا الفتات وتعيده صخراً صلداً بتكوين الله. والأرض في حركة مستمرة واضطراب دائم بين قوتي الجذب والدفع والتخالف والتضاد ومهما ظهرت ثابتة فإنها تدور على محورها في كل أربع وعشرين ساعة فتسير بالبلدان التي على خط الاستواء