مجله الاستاذ (صفحة 595)

المربى والمربي نعم هي مجازية ولكن بالتأمل يرى أنها أقوى وآكد من تلك إذ لا يختلف اثنان في أن أبا الروح هو الذي تبنى عليه سعادة المرء وشقاؤه فهي أحق وأجدر بالمراعاة والقيام بواجبها من التسوية بين البنين واستنهاض هممهم جميعاً ونحو ذلك حتى يقوم بفرض الأبوة فإذا اصطفى المربي أحد أبنائه بخصوصيات دون بعض فقد أجحف بحق الآخر وفرضت عليه الأبوة المساواة وألا فقد بذر في قلوبهم بذور الحقد والشقاق وباء بأمر يحسبه هيناً وهو عند الله عظيم. إذا تمهد هذا علم أنه يجب على رئيس المعارف المساواة بين أبنائه وبث روح الجد في جميعهم لا يخص أحداً بمزية دون الآخر فإن قال ها أنا الذي قام بحقوق البنوة وقدرها حق قدرها فما علي إلا أن أقدم له نجله العربي يئن بصوت حزين متمثلاً بقول القائل:

(وإذا تكون كريهة ادعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب)

لما نابه من حدثان الزمان الذي غرس في قلبي أبيه محبة أبنائه الأعاجم فخصهم بمنح كان الأجدر أن يشاركهم فيها أن لم نقل هو أولى وايم الله (وأنه لقسم لو تعلمون عظيم) أنه لحقيق بأن يقول (أضاعوني وأي فتى أضاعوا) وأنه لواجب على كل ذي لب أن يتلو قوله تعالى (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين) ولقد رأيته واقفاً بين يدي أبيه موشحاً بوشاح الآداب يقول مستلفتاً أنظاره إليه وملتمساً عواطفه عليه حتى يكون بين أخوته منتصب القامة مرفوع المكانة إلا أن الخفض قد أسقمني لما أن عوامله أو هنت جثماني مع أني منعوت بصفات حميدة فكيف تبتغي لي بدلاً والأم استثنائي من بن أخوتي ونحن مشتركون في النسب أيسوغ أن يأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015