يبعدونه عنهم وتنقل لنا الجرائد أخبارهم وسعيهم خلف تعليمهم الوطنية وحقوق الجنسية فهذه إنكلترا الحريصة على جنسيتها المتعصبة لدينها أشد التعصب تطالب الأمة بتعليم أبنائها حقوق الوطن والجنس مع أنه ليس وراء ما هي فيه من ذلك مطلب لطالب. وهذه فرنسا تصدر المناشير إلى الكنائس تلزم الأمة جميعها بالصلوات لله تعالى رجاء أن يخلصها من العراقيل التي هي فيها وهاتان هما الدولتان اللتان تدعيان انحصار المدينة فيهما فلم لا نقلدهما في المحافظة على الوطنية والجنسية والدين وننادي
بذلك في القرى والمدن وحجتنا حجتهم حاجتنا حاجتهم. نرى كثيراً من الشرقيين بل المصريين يحومون حول حمى الأجنبي لياذاً به وطلباً لمعروفه فهل تناول منه إلا لقمة لو لم يجده لطرحها للكلب لكونها فضلة طعامه وفتات خوانه وهل جلس في حضرته إلا مهيناً مزدرى منظوراً إليه بعين الاحتقار بل الاستعباد وهل مكنه من أضعف الأعمال ألا يستعمله آلة في تنفيذ آماله وتحقيق أمانيه وهل بش في وجهه مرة إلا ليدخل عليه غفلة الرحمة والحنان ليصرف أنظاره عما يراه من سلب الحقوق. آن والله أن يتبصر المصري ويشابه رجال أوروبا في الأخذ بالحزم والاعتماد على صدق العزم حرصاً على ما بقى وطمعاً في فرص المستقبل وتحقيقاً لآمال الإنكليز في صلاحنا على أيديهم حتى لا يبكتونا بقولهم لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا.
((طول العمر يبلغ الأمل)) وبالرفق يستخرج الإنسان الحية من وكرها فلا يحملن الطيش إلا حمق منا على التهور والتخلق بأخلاق البهيم فإننا نعلم إن صيانة بلادنا موقوفة على حفظ الراحة ومعاشرة الأجانب والنزلاء