هو خادع غاشٌ بل عدو مبين واستمسك بحبل الانقياد إلى أميرك واملأ باطنك بحبه وأَخلص في خدمته فلا حياة لك إلا بحياة سلطته ولا شرف لك إلا بشرف وزرائه الحافظين لنظام حكومته. وإن رأيت تركياً يستهيج سورياً أو سورياً يحرك شامياً فابذل لهما النصح وذكرهما بحاجتنا إلى السكون وقطع عروق الفتن الداخلية وبعدنا عن كل ما يوجب تداخل الغير في شؤننا. وإيا أن يحملك الطيش على أن تسيء معاملة أجنبي استوطن بلادك أو اجتاز بها فتجلب الدمار عل بلادك بل عامل كل مستوطن في بلادك بالحسنى فإن أوروبا لا تلتمس من الأعذار عن تداخلها في الشرق إلا دعوى همجيتنا وعدم استعدادنا للقيام أمام بمواد العمران وضروريات المدينة فإن أسأت أجنبياً مستوطناً بلادك فقد قويت دعواها وساعدتها على فتح باب التداخل وإن رأيت من يطعن في سلطانك أو يستميلك إلى غيره من الشرقيين فاعلم أنه أجنبي وأن اتصل بك نسباً وقرابة. وما ضر الشرق وفرق جمعه وبدد مالكه إلا امثال هذا فاقرب من الأفعي ولا تقرب منه فإنه تاجر يتجر ببيع الأرواح بثوب ولقمة. ولا إزال أكرر عليك لزوم الهدو والسكون وحفظ حقوق الوطنيين والغرباء والأجانب واستعمال الرفق واللين مع الجد في إحياء العلم والصنعة وتقدم الزراعة في مثل مصر التي وقفت ثروتها على خدمة تربتها. واعلم أن أفاضل الشرق لبسوا قليلين حتى نستبعد الوصول إلى معارف أوروبا أو إلى مبادئها أن قصرنا ولكنهم يحتاجون لشد ازر بعضهم بعضاً في فتح محال التعليم وتكثيرها في المدن والقرى. فاجتهد في تعليم الأبناء ودع العلم يطالب بمجد الجنس وشرف الشرق فالبعثة العلمية خير من البعثة الحربية ولا شاهد