عهد المرحوم سعيد باشا ففترت بعض الهمم بإقفال بعض المدارس حيث كانت وجهته المدرسة العسكرية وتمرينها على النزال والدفاع فقد ألجأته أحوال وقته وعوارضه لزيادة القوة استعداداً لمفاجئ كان يرصدهُ وتهيأ لمصادمة طارئٍ ينزله عن إمارته أو يبتلع دياره ثم انقضت مدته بسلام. وجاء معمم المعارف وممدن مصر أفندينا إسماعيل باشا الأفخم خديوينا الأسبق فوسع نطاق المعارف ونشرها في المدن والقرى بفتح كثير من المدارس في المديريات واستحضر ما يلزم لجميع الفنون من الآلات والأدوات وبسط يده لبذل نفيس الذهب في تنظيم المدارس ومكافأة رجالها على أتعابهم فارتقت المعارف إلى ذروة التقدم والنجاح وكثر أهل الفضل والأدب وفتفت أذهان الأساتذة بالمؤلفات وظهرت مصر عروساً في الشرق. ثم جاء على أثره أفندينا المرحوم توفيق باشا فمشى على قدم أبيه الجليل في العناية بالمعارف وأهلها وتوسيع دائرتها ومع وقوف قانون التصفية بينه وبين صرف ما يلزم لزيادة المعارف لم يقصر في تنقيح بعض الدوائر الإدارية لرد ما فضل منها على المعارف فخدم البلاد بهمته وعنايته خدمة خلدت ذكره الجميل في أمراءِ المآثر. ثم جاء الملحوظ بعين العناية الربانية أفندينا الأفخم عباس باشا الثاني وهو ابن المدارس وأخو المعارف وأبو العلوم والأمل في همته أعظم لتلقيه علو الشرقيين والغربيين ومعرفته أخلاق الأمم وعادتها فالمرجو من فضله تعميم التعليم وبسط يد العلوم على أفكار الأمة حاضرها وباديها وهو رجاء مقرون بالتحقق إن شاء الله تعالى. وكان الفضل في هذه الدوائر العلمية