يوم خمسة وثلاثين ألف فرنك علم قدر المحررين هناك وفضيلة القراء الذين عرفوا حقوق المنشئين فساعدوهم واستفادوا وافادوا. وكذلك إذا علم الشرقي أن محرري الجرائد ترتفع بهم الدرجة هناك إلى انتظامهم
في سلك الوزراء علم مقدار ما ينتج من العلم والاشتغال بالمنفعة العامة. وهذه النتائج لم يحصلها المنشئون بالغش والخديعة والسير بالأمة في طريق توصلهم إلى الغير ولا بشقشقة الألفاظ التي لا طائل تحتها ولا بتصويب عمل المخطئين وتخطئ المصيبين وتقبيح الحسن وتحسين القبيح ولا يجعل الجرائد اسواطاً للغير يضرب بها أهل البلاد ليسوقهم في مرضاته بلسان من هو منهم صورة وإنما حصلوا هذه الرتب الرفيعة بخدمة أوطانهم وممالكهم وتبين طرق الاصلاح وحفظ مراكز الرجال الظاهرين من أمرائهم وأعيانهم بتعريف الأمة قدر أعمالهم وثمرة أتعابهم واشتغالهم بنصح الأمة وارشادها إلى الصراط المستقيم وسهرهم الليالي في مطالعة جرائد لنقل فائدة أو الوقوف على خديعة يحذر قومه منها ويبين طريق البعد عنها وإخلاصهم في هذه الخدمة حتى لو كانت جريدة للسان وزير أو حزب فإنها إنما تحسن مبادئه وأعماله ووجهتها هي وجهة غيرها من جهة خدمة الوطن وأهله فالوسائل مختلفة والمقصد واحد وهذا الذي أكد للأمة ثقتهم بالمحررين حتى أخذوا كل ما قدموه لهم بيد القبول واحلوه محل الإخلاص فلا غرو أن قلنا أن الأمم الأورباوية أجسام والمنشئون أرواحها.