منهم وصارت مدينة لهم فقبضوا بذلك على أطراف السياسة وصاروا من رجال الحل والعقد في مجالس الحكومات. وبحسن تصرفهم تداخلوا مع فلاحي بلادهم أولاً بالتجارة ثم بالقروض حتى قبضوا على الزراعة أيضاً من طريق آخر فالمعامل والتجارة والزراعة كلها تحت تصرف هذه الطبقة فلا غرو أن قيل أنها عنصر حياة الأمم في أوروبا. ومن لوازمهم أنهم ما قعد أحدهم في مجلس إلا أخذ يتكلم في التجارة وفوائدها وطريقها وكيفية النجاح فيها ليرغب السامعين في الإتجار معه لتعظم قوة المملكة بكثرة التجار ووفرة ثروتهم فهم أساتذة في فنهم منبثون للتعليم والإفادة ولم يجعلوا فوائدهم قاصرة على لذائذهم البدنية بل مدوا أيديهم إلى الجمعيات الدينية والعلمية ففتحوا الوفا من المدارس والوفا من الجمعيات وبثوا رجال الدين والعلم في العالم أجمع على نفقتهم يستميلون من غايرهم ديناً ويكتشفون ما غاب عنهم من الأمم والأراضي لا يمنعهم من ذلك كثرة المنصرف ولا توالي الأزمان كلما تقادم العهد زادت النفقات والجمعيات فهم تجار في الظاهر دعاة فتحة في الباطن فكانهم هم الملوك ورجال المملكة وعظماؤها عمال لهم.
طبقة علماء الرياضة والطبيعة
هذه طبقة الفضل في العالم فان رجالها أهل الابتداع والاختراع وتهذيب النفوس وتعليم الجهلة وصناعة الضروريات. منهم الطبيب والكيماوي والمهندس والفلكي والميخانيكي والنباتي والمعدني والحيواني والبحري والبري من رجال الحرب والجغرفي وغيره وكل واحد منهم منكب على عمله مجتهد في مقدم فنه بشرح غوامضه وتبيين فوائده ونشر فرائده فهم في