اشتروه بالمحافظة على أخيهم الوطني لا يبتغون إلا الذكر الجميل في الدنيا ورضا الله تعالى في الآخرة فلله هم ثم لله هم فإن أسير إحسانهم وحافظ معروفهم خادمهم
عبد الله النديم الإدريسي
...
(فصل)
في الأخلاق والعادات
جرت عادة الله تعالى في خلقه أن يجري كل أمة وطائفة على أخلاق وعادات يلهمهم إياها عند حكم الضرورة بالتزام العادة والتلبس بالخُلُق فيقلد الضعيف القوي والبليد الذكي حتى يسري ذلك في أفراد الأمة أو الطائفة ويصير كأنه جبلي فطري يتوارثه الأبناء عن الآباء، وبوصولها هذه الدرجة يظهر استحسانها استقباح غيرها من أخلاق وعادات الغير حتى لو اتخذنا محكمين من أمتين لأصر كل منهما على تصويب أمته وتخطئ غيرها وتفرقا على النفرة والتضاد، وإذا استبصر أحد الأفراد ورأى قبح شيء مما عليه طائفته ونبههم على ذلك محتجاً بالدليل النظري والبرهان العقلي حكم عليه بالجنون والغفلة عن خصائص الأمم، وبهذا يعز على الأمم أن تغير عاداتها ما دامت في حيز لا يدخله غيرها وليس هذا من خواص الشرق أو الغرب بل هو من لوازم الأمم البعيدة عن الاختلاط الإنساني يشهد بذلك عصر العزلة الذي قضى على كثير من العقلاء بإراقة الدماء حفظاً لعادة أو تأييداً لخلُق، ومن هنا يعلم قدر