الجواب
إن هذا الموضوع تكلم فيه كثير من رجال العصر ولعل الفاضلة لم تطلع على رسائلهم وقد اختلفت عبارتهم وتنوعت مقالتهم وكان جوابهم كلياً بلا تفصيل وقد سبقهم إلى الكيات أبو العلاء المعري الفيلسوف العربي حيث قال:
وأعط أباك النصف حياً وميتاً ... وفضل عليه من كرامتها الأما
أقلَّك خفا إذ أَقلتك مثقلا ... وأرضعت الحولين واحتملت تما
وألقتك عن جهد وألقاك لذة ... وضمت وشمت مثل ما ضم أو شما
ولكن هذا جواب عن خاصة لا يفي بالمراد ولا يمكن التوصل للحكم إلا بسرد أعمال كل قسم من أقسام النساء ومقارنتها بأعمال الرجال ونترك الحكم لذوي الألباب وعلى هذا فإني أقسم النساء قسمين فلاحة ومدنية وأقسم المدنية ثلاثة أقسام فقيرة ومتوسطة وغنية. فعمل الفلاحة تقوم قبيل الفجر لتعلف البهائم إن كانت سارحة للطاحون أو للحرث وإن كانت ممن يخبزن كل يوم عادت فعجنت العجين وغطته فيكون النهار قد طلع فتصنع لزوجها وأولادها ما يفطرون عليه في الصباح ثم تقوم فتحلب الجاموسة أو البقرة قبل أن تسرح
وبعد خروج البهائم تكنس روثها ثم تخرجه على رأسها بالمقطف على الكوم الذي تكومه ليكون سباخاً وتستحضر بدلهُ من التراب الخالص لتفرشه تحت أرجل البهائم لتبول عليه وتروث وتخرجه ثاني يوم إلى الكوم الذي يكون سباخاً آخر السنة ثم تعود للعجين وقد خمر فتحمي الفرن وتخبزه وإن كان العجين من الذرة المخلوط بالحلبة حمت الفرن في الحال ولا تكنس للبهائم إلا بعد الخبز. ثم تقوم فتكنس البيت وتخرج حصير النوم والبردة للسطوح