مجله الاستاذ (صفحة 1025)

اللحوم إلا جثث مقتولة وهل يوجد شيء أكره من أكل الجثث. ولو فرضن أن جماعة بلغوا من العمر عشرين سنة ولم يأكلوا لحماً ولا عرفوا مسلخاً هل يطيق أحدهم مشاهدة القصابة وما فيها من الذبح والسلخ والتقطيع والكسر ثم تميل نفسه لأكل هذا اللحم بعد ذلك. لا. وإنما العادة أخذت تتدرج في التألف بالإنسان حتى غالبت فطرته ثم غلبتها بالفعل وجعلته يأكل شيئاً لم يكن اعتاد أكله. ولنا في أهل آسيا الجنوبية وأهل البراري وسكان الجبال أعظم شاهد فإنهم قلما يقتاتون بلحوم الحيوان ومع ذلك فإنهم أحسن الناس بنية وأشدهم قوة وأعظمهم بسالة. وأعظم الناس وأشهرهم من الفلاسفة قد ألف أكل البقول ونبذ اللحوم وأمتاز بذلك كثير منهم

في العصور الأولى كفيثاغورث الشهير والجميع ينادى بفضل الأقوات البقلية والنباتية وما نسميه الآن الصيامية (يعلم من هذه العبارة أن صاحب الرسالة مسيحي الدين كما تقدم) وللنباتيين في هذا الباب حجة واضحة فإن ما نطلبه في الحيوان من الغذاء إنما أخذه عن النباتات فلم نعدل عن طريقته التي هي تناول القوت من النبات رأساً ونطلبه بطريقة أكل لحم الحيوان. وقد بحث القوم في المسألة بحثاً كيماوياً واقتصادياً ومزاجياً فوجدوا الغذاء باللحوم بعدة من البدع وأتوا بأدلة لا يختلف اثنان في قوتها فقالوا في تصنيف تكرر طبعه تسعين مرة. لم نأكل اللحوم وهي أغلى قوت وأضره وأكرهه فإن الاغتذاء بالدقيق والفاكهة والبقول والبيض والحليب أرخص وأسلم وألذ فإنك تجد فيها عناصر الألومونيا والنشا والسكر والزيت إلى غير ذلك وأما الغذاء باللحوم فإنه غير كاف وحده لخلوه من النشا ولذا اضطررنا أن نزيد على اللحوم ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015