يقولون احتسب حكماً وراحوا ... بأبيض لا يراه ولا يراني
وقبل فراقه أيقنت أني ... وكل بني أب متفارقان
أخ لو دعوت أجاب صوتي ... وكنت مجيبه أنى دعاني
فقد أفنى البكاء عليه دمعي ... ولو أني الفقيد إذاً بكاني
مضى لسبيله لم يعط ضيماً ... ولم ترهب غوائله الأداني
قتلنا عنه قاتله وكنا ... نصول به لدى الحرب العوان
قتيلاً ليس مثل أخي إذا ما ... بدا الخفرات مذهول الجنان
وكنت سنان رمحي من قناتي ... وليس الرمح إلا بالسنان
وكنت بنان كفي من يميني ... وكيف صلاحها بعد البنان
وكان يهابك الأعداء فينا ... ولا أخشى وراءك من رماني
فقد أبدوا ضغائنهم وشدوا ... إلي الطرف واغتمزوا لياني
فداك أخ نبا عنه غناه ... ومولى لا تصول له يدان
ومن رقيق مراثي لبيد:
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدنا والمصانع
وقد كنت في أكناف دار مضنة ... ففارقني جار بأربد نافع
فلا جزع إن فرق الدهر بيننا ... فكل امرئ يوماً به الدهر فاجع
وما الناس إلا كالديار وأهلها ... بها يوم حلوها وعدوا بلاقع
ويمضون أرسالاً وتخلف بعدهم ... كما ضم أخرى التاليات المشائع
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يجور رماداً بعد إذ هو ساطع