واستعدوا للموت فقد أظلكم. وكونوا قوماً صيح بهم فانتبهوا. وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا. فإن الله لم يخلقكم عبثاً ولم يترككم سدى. وما بين أحدكم وبين الجنة والنار إلا الموت أن ينزل به. وإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة. وإن غائباً يحدوه الجديدان الليل والنهار لحري بسرعة الأوبة. وإن قادماً يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة. فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به نفوسكم غداً. فاتقى عبد من نصح نفسه وقدم توبته وغلب شهوته. فإن أجله مستور عنه وأمله خادع له. والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها. ويمنيه التوبة ليسوفها. حتى تهجم منيته عليه أغفل ما يكون عنها. فيا لها حسرة على كل ذي عقل أن يكون عمره عليه حجة. وأن تؤديه أيامه إلى شقوة. نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة. ولا تقصر به عن طاعة ربه غاية. ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة. (لبهاء الدين) .
قال أبو العتاهية:
عليكم سلام الله إني ومودع ... وعيناي من مض التفرق تدمع
فإن نحن عشنا يجمع الله بيننا ... وإن نحن متنا فالقيامة تجمع
ألم تر ريب الدهر في كل ساعة ... له عارض فيه المنية تلمع
أيا باني الدنيا لغيرك تبتني ... ويا جامع الدنيا لغيرك تجمع