التواضع. غضوا أبصارهم عما حرم عليهم ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم. نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء. لولا الأجل الذي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الثواب. وخوفاً من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم فهم والجنة كمن قدر رآها فهم فيها منعمون. وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها خالدون معذبون. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير. فهم لأنفسهم متهمون. ومن أعمالهم مشفقون. إذا زكي أحدهم خاف مما يقال له فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بنفسي مني. اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون. فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في الدين. وحزماً في لين. وإيماناً في يقين. وحرصاً في علم. وعملاً في حلم. وقصداً في غنى. وخشوعاً في عبادة. وتجملاً في فاقة. وصبراً في شدة. وطلباً في حلال. ونشاطاً في هدى. وتحرجاً عن طمع. يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل. يمسي وهمه الشكر. ويصبح وهمه الذكر. يبيت حذراً ويصبح فرحاً. حذراً لما حذر من الغفلة. وفرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة. إذا استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب. قرة عينه فيما لا يزول وزهادته فيما لا يبقى. يمزج الحلم بالعلم والقول بالعمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015