الذي أردت بهم وإن ملكوا كان ملكا ازددته إلى ملكك فأحصوا بثمانمائة وقدم عليهم أفضلهم وأعظمهم بيتاً وأكبرهم نسباً وكان وهزر الديلمي. فتواقفوا للحرب وأمر وهزر ابنه أن يناوشهم القتال فقتلوه وأحفظه ذلك. وقال: أروني ملكهم فأروه إياه على فيل عليه تاجه وبين عينية ياقوته حمراء. فرماه بسهم فصك الياقوتة بين عينيه وتغلغل في دماغه وتنكس عن دابته وداروا به فحمل القوم عليهم وانهزم الحبشة في كل وجهٍ. وفني ملكهم في اليمن بعد أن توارثه منهم أربعة في ثنتين وسبعين سنة. (601) وانصرف وهزر إلى كسرى بعد أن خلف سيفاً على اليمن في جماعةٍ من الفرس ضمهم إليه على فريضة يؤديها كل عامٍ. وجعلهم لنظر ابن ذي يزن وانزله بصنعاء. وانفرد ابن ذي يزن بسلطانه ونزل قصر الملك وهو رأس غمدان. يقال إن الضحاك بناه على اسم الزهرة وهو أحد البيوت السبعة الموضوعة على أسماء الكواكب وروحانيتها. خرب في خلافة عثمان. ولما استوثق لذي يزن الملك جعل يعتسف الحبشة ويقتلهم حتى إذا لم يبق إلا القليل جعلهم خولاً واتخذ منهم طوابير يسعون بين يديه بالحراب. فخرج يوماً وهم يسعون بين يديه. فلما افردوا به عن الناس رموه بالحراب فقتلوه. فأرسل كسرى عاملاً على اليمن واستمرت عماله إلى أن كان آخرهم بإذن فأسلم وصارت اليمن للإسلام (لابن خلدون)