ضلالة إلى هدى. ورأيت الوحدة والغربة والمذلة فمل أر أذل من مقاساة الجار السوء. وشيدت البنيان لأعز به وأذكر فلم أر شرفاً أرفع من اصطناع المعروف. ولبست الكسى الفاخرة فلم ألبس شيئاً مثل الصلاح. وطلبت أحسن الأشياء عند الناس فلم أر شيئاً أحسن من حسن الخلق.
62 (فصل) من حكم شاتاق الهندي من كتابه الذي سماه منتحل الجواهر للملك ابن قمابص الهندي: يا أيها الوالي اتق عثرات الزمان واخش تسلط الأيام ولؤم غلبة الدهر. واعلم أن للأعمال جزاء فاتق العواقب وللأيام غدرات فكن على حذر والزمان متقلب متول فاحذر تقلبه. لئيم الكرة فخف سطوته. سريع الغيرة فلا تأمن دولته. والعم أن من لم يداو نفسه من سقام الآثام في أيام حياته فما أبعده من الشفاء في دار لا دواء له فيها. ومن أذل حواسه واستعبدها فيما يقدم من خير نفسه بأن فضله وظهر نبله. ومن لم يضبط نفسه وهي واحدة لم يضبط حواسه وهي خمس. وإذا لم يضبط حواسه مع قلتها وذلتها صعب عليه ضبط الأعوان مع كثرتهم وخشونة جانبهم. فكانت عامة الرعية في نواحي البلاد وأطراف المملكة أبعد من الضبط. فليبدأ الملك بسلطانه على نفسه فليس من عدو أحق من أن يبدأه بالقهر من نفسه. ثم يشرع في قهر حواسه الخمس. لأن قوة الواحدة منهن دون صويحباتها قد تأتي على النفس