واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم ... وأودعوا حفراً با بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا ... أين الأسرة والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة ... من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم ... تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طللا أكلوا دهراً وما شربوا ... فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
وطالما أكثروا الأموال وادخروا ... فخلفوها على الأعداء وارتحلوا
وطالما شيدوا دوراً لتحصنهم ... ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
أضحت مساكنهم وحشاً معطلة ... وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا
سل الخليفة إذ وافت منيته ... أين الجنود وأين الخيل والخول
أين الكنوز التي كانت مفاتحها ... تنوء بالعصبة المقوين لو حملوا
أين العبيد الألى أرصدتهم عدداً ... أين العديد وأين البيض والأسل
أين الفوارس والغلمان ما صنعوا ... أين الصوارم والخطية الذبل
أين الكفاة ألم يكفوا خليفتهم ... لما رأوه صريعاً وهو يبتهل
أين الكماة أما حاموا أما غضبوا ... أين الحماة التي يحمى بها الدول
أين الرماة ألم تمنع بأسهمهم ... لما أتتك سهام الموت تنتصل
هيهات ما منعوا ضيماً ولا دفعوا ... عنك المنية إذ وافى بها الأجل
ولا الرشى دفعتها صاح وبذلوا ... ولا الرقى نفعت شيئاً ولا الحيل
ما ساعدوك ولا واساك أقربهم ... بل أسلموك لها بئس ما فعلوا
ما بال قبرك لا ينشى به أحد ... ولا يطور به من بينهم رجل