فمرا بشجرة. فقال عدي بن زيد: أيها الملك أتدري ما تقول هذه الشجرة. قال: لا. قال فإنها تقول:
من رآنا فليحدث نفسه ... أنه موفٍ على قرب زوال
فصروف الدهر لا تبقى لها ... ولما تأتي به صم الجبال
رب ركبٍ قد أناخوا حولنا ... يشربون الخمر بالماء الزلال
والأباريق عليها فدمٌ ... وجياد الخيل تجري بالجلال
عمروا الدهر بعيش حسن ... أمنى دهرهم غير عجال
عصف الدهر بهم فانقرضوا ... وكذاك الدهر حالاً بعد حال
قال) ثم جاوزوا الشجرة فمرا بمقبرة. فقال له عدي: أتدري ما تقول هذه المقبرة. قال: لا. قال: فإنها تقول:
أيها الركب المخبو ... ن على الأرض المجدونا
كما أنتم كذا كنا ... وكما نحن تكونونا
فقال النعمان: قد علمت أن الشجرة والمقبرة لا تتكلمان. وقد علمت أنك إنما أردت عظتي فجزاك الله عني خيراً فما السبيل الذي تدرك به النجاة. قال: تدع عبادة الأوثان وتعبد الله وحده قال: وفي هذا النجاة. قال: نعم. قال فترك عباة الأوثان وتنصّر حينئذ وأخذ في العبادة والاجتهاد (للطرطوشي)
19 (من المنهج) أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع. وإن