ثم ترك ذلك الباب وتحول إلى باب آخر من أبوابها فرأى مثل ذلك. فجعل يخيل إليه أن المدنية ليست بالتي كان يعرفها. ورأى ناساً كثيرين محدثين فلم يعرفهم قبل ذلك. فجعل يمشي ويتعجب منهم ومن نفسه ويخيل إليه أنه حيران. ثم رجع إلى الباب الذي منه. فجعل يتعجب منه ومن نفسه ويخيل له فيقول: يا ليت شعري أما هذه عشية أمس كان المؤمنون يخفون هذه العلامة العلامة ويستخفون بها. فأما اليوم فأنها ظاهرة لعلي حالم. ثم يرى انه ليس بنائم فأخذ كساءه وجعله على رأسه.
ثم دخل المدنية فجعل يمشي بين ظهراني سوقها فيسمع ناساً كثيرين يذكرون الله ثم عيسى بن مريم. فزاده عجباً ورأى كأنه حيران. فقام مسنداً ظهره إلى جدار من جدران المدينة ويقول في نفسه: ما أدري ما هذا أما عشية أمس فما كان على وجه الأرض إنسان يذكر عيسى بن مريم إلا قتل. وأما الغداة فأسمع كل إنسان يذكر أمر عيسى بن مريم ولا يخاف. ثم قال في نفسه: لعل هذه ليست المدنية التي أعرفها أسمع كلام أهلها ولا أعرف أحداً لكني ما أعلم مدنية أقرب من مدينتنا ثم قام كالحيران لا يتوجه وجهاً. ثم لقي فتى من أهل المدينة. فقال: يا فتى ما اسم هذه المدينة. فقال: أفسوس. فقال في نفسه: لعل بي مساً أو أمراً أذهب عقلي. ثم إنه أفاق فقال: لو عجلت الخروج من المدينة قبل أن يفطن بي لكان