قال محمد بن الفضل:
هانت الدنيا على الل ... هـ فأعطاها اللئاما
فهم فيها يعيشو ... ن ويلحون الكراما
41 كان في بلاد الروم مما يلي أرض الأندلس رجلٌ نصرانيٌ قد بلغ في التخلي من الدنيا مبلغاً عظيماً. واعتزل الخلق ولزم قلل الجبال والسياحة في الأرض إلى الغاية القصوى. فورد على المستعين بن هودٍ في بعض الأمر فأكرمه ابن هود. ثم أخذ بيده وجعل يعرض عليه ذخائر ملكه وخزائن أمواله وما حوته من البيضاء والحمراء وأحجار الياقوت والجواهر وأمثالها ونفائس الأعلاق والجواري والحشم والأجناد والكراع والسلاح. فأقام على ذلك أياماً فلما انقضى قال له: كيف رأيت ملكي. قال: رأيت ملكك ولكنه تعوزك فيه خصلةٌ إن أنت قدرت عليها تم انتظام ملكك. وإن لم تقدر عليها فهذا الملك شبه لا شيءٍ. قال: وما هي الخصلة. قال: تعمد فتصنع غطاءً عظيماً حصيناً قوياً وتكون مساحته قدر البلد. ثم تركبه على البلد حتى لا يجد ملك الموت مدخلاً إليك. فقال المستعين: سبحان الله أو يقدر البسر على مثل هذا. فقال العلج: يا هذا أفتفتخر بأمر تتركه غداً. ومثال من يفتخر بما يفنى كمن يفتخر بما يراه في النوم.. (سراج الملوك للطرطوشي)