قال علي بن ظافر: ومن عجب ما دهيت به ورميت إلا أن الله بفضله نصر وأعطى الظفر وأعان خاطري الكليل. حتى مضى مضاء السيف الصقيل. أني كنت في خدمة مولانا العادل (خلد الله ملكه) بالإسكندرية سنة إحدى وستمائة مع من ضمته حاشية العسكر المنصور من الكتاب ودخلت سنة اثنتين وستمائة ونحن بالثغر مقيمون بالخدمة. مرتضعون لأفاويق النعمة. فحضرت مع من حضر للهناء. من الفقهاء والعلماء. والمشايخ والكبراء. وجماعة الديوان والأمراء. في يوم من أيام الجلوس لإمضاء الأحكام. والعرض لطوائف الأجناد بالتمام. فلم يبق أحد من أهل البلد ولا من العسكر إلا حضر مهنئا. ومثل شاكر وداعيا. فلما غض المجلس بأهله. وشرق بجمع الناس وحفله. وخرج مولانا السلطان (خلد الله ملكه) إلى مجلسه. واستقر في دسته. أخرج كتابا ناوله إلى الصاحب الجل صفي الدين أبي محمد عبد الله بن علي وزير دولته. وكبير جملته. وهو مفضوض الختام. مفكوك الفدام ففتحه فإذا فيه قطعة وردت من المولى الملك المعظم أبقاه الله. كتبها إليه يتشوقه ويستعطفه لزيارته ويرققه ويستحث عود ركابه إلى الشام للمثاغرة بها وقمع عدوها. ويعرض بذكر مصر وشدة حرها ووقد جمرها. وذلك بعد أن وصل إلى خدمته بالثغور ثم رجع إليها. والأبيات:
أروي رماحك من نحور عداكا ... وانهب بخيلك من أطاع سواكا