حدث إنسان. من معرة النعمان. قال: كثيرا ما كنت أسمع بني البرية. الثناء على نزه أنطاكية. وأنها قطع لمن لم يصلها. وخروج لمن لم يدخلها. لفرط ثنائه عليها. تجهزت للمسير إليها. فلما دخلتها. وشاهدتها وتأملتها. أكبرت طولها وطولها. وعجبت لحصانتها والعاصي دائر حولها. فانتهيت من بدايتها. إلى دار ولايتها. فوجدت والي المدينة. شابا ذا سكينة. فلما سلمت عليه. وأجلسني إليه. أخذ من مؤانستي. وأظهر الابتهاج بمجالستي. فغبطته بحسن زينته. وطيب مدينته. فتنفس الصعداء. وترنم منشدا:
كم من صديق صدوق الود تحسبه ... في راحة ولده الهم والكمد
لا تغبطن بني الدنيا بنعمتهم ... فراحة القلب لم يظفر بها أحد
قلت: لله در فصاحتك. ما السبب في عدم راحتك. قال: لقد جمعت هذه المدينة بين عرب وروم. وأنا معهم في الحي القيوم. لا أطيق فيهم قرارا. لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا. ومن يطيق الجمع بين الضدين. أم من يقدر على موالاه ندين. وكيف يظفر ساكن أنطاكية بنيل أرب. وقد حنيت أضلع العجم.