(قال المهدي) : إني لأرجو ذلك لقديم عادة الله فيه وحسن معونته عليه. ولكن أحب الموافقة على الرأي والاعتبار للمشاورة في الأمر المهم. (قال محمد بن الليث) : أهل خراسان أيها المهدي قوم ذوو عزة ومنعة وشياطين خدعة. زروع الحمية فيهم نابتة. وملابس الأنفة عليهم ظاهرة. فالرؤية عنهم عازبة والعجلة عنهم حاضرة. تسبق سيولهم مطرهم وسيوفهم عذلهم. لأنهم بين سفلة لا تعدو مبلغ عقولهم ومنظر عيونهم. (وبين) رؤساء لا يلجمون إلا بشدة ولا يفطمون إلا بالمر. وإن ولى المهدي عليهم وضيعا لم تنقد له العظماء. وإن ولى أمرهم شريفا تحامل على الضعفاء. وإن أخر المهدي أمرهم ودافع حربهم حتى يصيب لنفسه من حشمه ومواليه أو بني عمه أو بني أبيه ناصحا يتفق عليه أمرهم وثقة تجتمع له أملاؤهم بلا أنفة تلزمهم ولا حمية تدخلهم ولا مصيبة تنفرهم تنفست الأيام بهم وتراخت الحال بأمرهم. فدخل بذلك من الفساد الكبير والضياع العظيم ما لا يتلافاه صاحب هذه الصفة وإن وجد. ولا يستصلحه وإن جهد. إلا بعد دهر طويل وشر كبير. وليس المهدي وفقه الله فاطما عاداتهم. ولا قارعا صفاتهم. بمثل أحد رجلين لا ثالث لهما ولا عدل في ذلك بهما. أحدهما لسان ناطق موصول بسمعك ويد ممثلة لعينك. وصخرة لا تزعزع وبهيمة لا تثنى وبازل لا يفزعه صوت الجلجل. نقي العرض نزيه النفس جليل الخطر قد اتضعت الدنيا عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015