والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم
الحمد لله الذي عزت معرفته فلا يدرك بالمعقول خافيها. وجلت صفته فلا يتكدر بالمنقول صافيها. وتمت كلمته فلا يرد حكم قاضيها. ودامت أزليته فمن ذا يضاهيها. أحمده سبحانه وتعالى على نعمه التي لا يمكن تناهيها. أيها الناس استدركوا ما فات من أعماركم بالتوبة فالدنيا كمثل المنام. وحصلوا التوبة فقد قرب الرحيل والانصرام. فما أسعد من بادر بقية عمره بالاغتنام. وما أحسن من دعاه مولاه فأجابه بالذل والاحتشام. وما أبرك من خلع عليه خلع القبول والإنعام. وما أشقى من ذهبت في البطالة شهوره والأيام. وكتب عليه الملكان القبائح والآثام. وما أقسى قلب من عصى الملك العلام. يسمع المواعظ فكأنها أضغاث أحلام. وتمضي عليه الليالي والأيام. وهو مصر على الآثام. ويطمع في دخول الجنة وقد ضرب بينه وبينها بسور له باب. ويتصنع بعمارة ظاهره وباطنه خراب. ويتعفف عن القليل وهو للكثير نهاب. فما عذر هذا إذا اجتمعت الخلائق. وتحققت الحقائق. ووزنت الأعمال بالدقائق. وجاءت كل نفس معه شهيد وسابق. ووضع الكتاب. ونوقش الحساب. ولم يدر