وأغرت لداعي الحق كل موحد ... بمقعد صدق حبذا الجار والدار
وأبدت معاني ذاته بصفاته ... فلم يحتمل عقل المحبين إنكار
تراءى لهم في الغيب جل جلاله ... عيانا فلم يدركه سمع وأبصار
معان عقلن العقل والعقل ذاهل ... وإقباله في يرزخ البحث إدبار
إذا هم وهم الفكر إدراك ذاته ... تعارض أوهام عليه وأفكار
وكيف يحيط الكيف إدراك حده ... وليس له في الكيف حد ومقدار
وأين يحل الأين منه ولم يكن ... مع الله غير الله عين وآثار
ولاشيء معلوم ولا الكون كائن ... ولا الرزق مقسوم ولا الخلق إفطار
ولا الشمس بالنور المنير مضيئة ... ولا القمر الساري ولا النجم سيار
فأنشأ في سلطانه الأرض والسما ... ليخلق منها ما يشاء ويختار
وزين بالكرسي والعرش ملكه ... فمن نوره حجب عليه وأستار
فسبحان من تعنو الوجوه لوجهه ... ويلقاه رهن الذل من هو جبار
عظيم يهون الأعظمون لعزه ... شديد القوى كاف لذي القهر قهار
لطيف بلطف الصنع فضلنا على ... خلائق لا تحصى وذلك إيثار
يرى حركات النمل في ظلم الدجى ... ولم يخف إعلان عليه وإسرار
ويحصي عد يد النمل والقطر والحصى ... وما اشتملت نجد عليه وأغوار
أضاءت قلوب العارفين بنوره ... فباحت بأحوال المحبين أسرار
وشق على أسمائهم من علا اسمه ... على الأصل فهو البر والقوم أبرار
فذاك الذي يلجا إليه توكلا ... علي ويعصى وهو بالحلم ستار