بالإبداع في وصف مواقف القتال. وأنا أقول قولاً لست فيه متأثماً. ولا منه متلثماً. وذلك أنه إذا خاض في وصف معركة كان لسانه أمضى من نصالها. وأشجع من أبطالها. وقامت أقواله السامع مقام أفعالها. حتى نظن الفريقين قد تقابلا. والسلاحين قد تواصلا. وطريقه في ذلك تضل بسالكه. وتقوم بعذر تاركه. ولا شك أنه كان يشهد الحروب مع سيف الدولة فيصف لسنه ما أداه إليه عيانه. ومع هذا فإني رأيت الناس عادلين فيه عن السنن المتوسط. فإما مفرط في وصفه وإما مفرط. وهو وإن انفرد بطريق صار أبا عذره. فإن سعادة الرجل كانت أكثر من شعره. وعلى الحقيقة فإنه خاتم الشعراء. ومهما وصف به فهو فوق الوصف وفوق الإطراء. ولقد صدق في قوله من أبيات يمدح بها سيف الدولة:

لا تطلبن كريماً بعد رؤيته ... إن الكرام بأسخاهم يداً ختموا

ولا تبال بشعر بعد شاعره ... قد أفسد القول حتى أحمد الصمم

ولما تأملت شعره بعين المعدلة البعيدة عن الهوى. وعين المعرفة التي ما ضل صاحبها وما غوى. وجدته أقساماً خمسة. خمس منها في الغاية التي انفرد بها. وخمس من جيد الشعر الذي يشاركه فيه غيره. وخمس منه من متوسط الشعر. وخمس دون ذلك. وخمس في الغاية المتقهقرة التي لا يعبأ بها. وعدمها خير من وجودها. ولو لم يقلها أبو الطيب لوفاه الله شرها. فإنها هي التي ألبسته لباس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015