وكذاك وصل الغانيات فإنه ... آل ببلقعةٍ وبرق خلب
فدع الصبا فلقد عداك زمانه ... وازهد فعمرك مر منه الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودة ... وأتى المشيب فأين منه المهرب
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا ... واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
واخش مناقشة الحساب فإنه ... لا بد يحصى ما جنيت ويكتب
والليل فاعلم والنهار كلاهما ... أنفاسنا بهما تعد وتحسب
لم ينسه الملكان حين نسيته ... بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
والروح فيك وديعة أودعتها ... ستردها بالرغم منك وتسلب
وعرور دنياك التي تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب
وجميع ما حصلته وجمعته ... حقاً يقيناً بعد موتك ينهب
تباً لدار لا يدوم نعيمها ... ومشيدها عما قليل يخرب
فاسمع هديت نصائحاً أولاكها ... بر نصوح للأنام مجرب
أهدى النصيحة فاتعظ بمقاله ... فهو التقي اللوذعي الأدرب
لا تأمن الدهر الخؤون لأنه ... ما زال قدماً للرجال يؤدب
وعواقب الأيام في غصاتها ... مضض يذل له الأعز الأنجب
ويفوز بالمال الحقير مكانة ... فتراه يرجى ما لديه ويرغب
ويبش بالترحيب عند قدومه ... ويقام عند سلامه ويقرب
فاقنع ففي بعض القناعة راحة ... ولقد كسي ثوب المذلة أشعب
لا تحرصن فالحرص ليس بزائد ... في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب