قباءَ، لأَنهُ ليْسَ مِنَ المسَاجِدِ الثلاثةِ.
مَعَ أَنّ مَسْجِدَ قباءَ يُسْتحَبُّ زِيارَتهُ لِمَنْ كانَ فِي المدِيْنَةِ ; لأَنَّ ذلِك َ ليْسَ بشَدِّ رَحْل ٍ كمَا فِي الحدِيْثِ الصَّحِيْحِ: «مَنْ تطهَّرَ فِي بَيْتهِ، ثمَّ أَتى مَسْجِدَ قباءَ، لا يرِيدُ إلا َّ الصَّلاة َ فِيْهِ، كانَ كعُمْرَة» (?).
قالوْا: وَلأَنَّ السَّفرَ إلىَ زِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبياءِ وَالصّالِحِيْنَ بدْعَة ٌ، لمْ يَفعَلهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابةِ وَلا التّابعِيْنَ، وَلا أَمَرَ بهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا اسْتَحَبَّ ذلِك َ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ المسْلِمِيْن.
فمَن ِ اعْتَقدَ ذلِك َ عِبَادَة ً وَفعَلهُ: فهُوَ مُخالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَلإجْمَاعِ الأَئِمَّة.
وَهَذَا مِمَّا ذكرَهُ أَبوْ عَبْدِ اللهِ ابْنُ بَطة َ فِي «الإبانةِ الصُّغْرَى» (ص89) مِنَ البدَعِ المخالِفةِ لِلسُّنَّةِ وَالإجْمَاع.
وَبهَذَا يَظهَرُ بُطلانُ حُجَّةِ أَبي مُحَمَّدٍ المقدِسِيِّ، لأَنَّ زِيَارَة َ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَسْجِدِ قباءَ، لمْ تَكنْ بشَدِّ رَحْل ٍ، وَهُوَ يُسَلمُ لهُمْ أَنَّ السَّفرَ إليْهِ لا يَجِبُ بالنذْر.
وَقوْلهُ بأَنَّ الحدِيْثَ الذِي مَضْمُونهُ «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ»، مَحْمُوْلٌ عَلى نفي الاسْتِحْبَابِ: يجَابُ عَنْهُ بوَجْهَيْن ِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا تَسْلِيْمٌ مِنْهُ أَنَّ هَذَا السَّفرَ ليْسَ بعَمَل ٍ صَالِحٍ، وَلا قرْبةٍ، وَلا طاعَةٍ، وَلا هُوَ مِنَ الحسَنات.