فصل في اخْتِلافِ الأَئِمَّةِ في صِحَّةِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ، مَعْ قوْلِهمْ بتَحْرِيْمِهَا

قدِ اخْتَلفَ الأَئِمَّة ُ مِنَ المحَرِّمِيْنَ للصَّلاةِ في المقابرِ في صِحَّتِهَا فِيْهَا، مَعَ اتفاقِهمْ عَلى إثمِ فاعِلِهَا.

فعَن ِ الإمَامِ أَحْمَدَ رِوَايتان ِ فِيْهَا:

إحْدَاهُمَا: أَنهَا مُحَرَّمَة ٌ وَلا تَصِحُّ، وَهِيَ ظاهِرُ المذْهَب.

وَالثانِيَة ُ: أَنهَا تُكرَهُ، وَتُسْتَحَبُّ الإعَادَة.

وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ يَحْكِي هَذِهِ الرِّوَاية َ باِلتَّحْرِيْمِ مَعَ الصِّحَّة. وَلفظ ُ أَحْمَدَ فِيْهَا هُوَ الكرَاهَة ُ، وَقدْ يُرِيْدُ بهَا تارَة ً التَّحْرِيْمَ، وَتارَة ً التَّنْزِيه.

وَلِذَلِك َ اخْتَلفوْا في كرَاهِيتهِ المطلقةِ عَلى وَجْهَيْن ِ مَشْهُوْرَيْن ِ، قالهُ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْميةَ في «شَرْحِ العُمْدَة» (2/ 434 - 435).

ثمَّ قالَ شَيْخُ الإسْلامِ رَحِمَهُ الله ُ بَعْدَ ذلك (2/ 435 - 436): (وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، لأَنَّ قوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الأَرْضُ كلهَا مَسْجِدٌ، إلا َّ المقبَرَة َ وَالحمّام»: إخْرَاجٌ لها عَنْ أَنْ تَكوْنَ مَسْجِدًا، وَالصَّلاة ُ لا تَصِحُّ إلا َّ في مَسْجِدٍ، أَعْنِي فِيْمَا جَعَلهُ الله ُ لنا مَسْجِدًا.

وَهَذَا خِطابُ وَضْعٍ وَإخْبَارٌ، فِيْهِ أَنَّ المقبَرَة َ وَالحمّامَ، لمْ يُجْعَلا مَحَلا ًّ للسُّجُوْدِ، كمَا بيَّنَ أَنَّ مَحَلَّ السُّجُوْدِ، هُوَ الأَرْضُ الطيبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015