فصل في ذِكرِ طرَفٍ مِنَ المخارِيق ِ الشَّيْطانِيَّة

وَهَذِهِ المخارِيقُ الشَّيْطانِيَّة ُ لِلمُشْرِكِينَ وَالضّالينَ الجاهِلِينَ: يَعْرِفُ حَقِيْقتَهَا الموَحِّدُوْنَ فِي كلِّ عَصْرٍ وَكلِّ مِصْرٍ، فلا تُغْوِيْهمُ الشَّيَاطِينُ عَمّا هُمْ عَليْهِ مِنَ الهدَى وَالحقِّ المبين ِ، وَلا تَزِيدُهُمْ هَذِهِ الخزَعْبلاتُ إلا َّ بَصِيرَة ً وَإيْمَانا، وَتَصْدِيْقا بإخْبَارِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإيقانا، وَقِيَامًا بمَا أَمَرَ الله ُ وَرَسُوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِجَاهَهَا، فقلوْبهُمْ مَعَ هَذِهِ الفِتن ِ سَالِمَة ٌ خَالِيَة ٌ، كمَا أَخْبرَ بذَلك َ نبيُّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: «تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلى القلوْبِ كالحصِيرِ عُوْدًا عُوْدًا، فأَيُّ قلبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيْهِ نُكتَة ٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكتَة ٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلى قلبَيْن ِ عَلى أَبْيَضَ مِثْل ِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَة ٌمَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا، كالكوْزِ مُجَخِّيًا، لا يَعْرِفُ مَعْرُوْفا وَلا يُنْكِرُ مُنْكرًا، إلا َّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاه» رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (5/ 405، 386) وَمُسْلِمٌ في «صَحِيْحِهِ» (144) مِنْ حَدِيْثِ حُذَيْفةِ بْن ِ اليمَان ِ رَضِيَ الله ُ عَنْه.

وَقدْ ذكرَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ فِي جُمْلةٍ مِنْ كتبهِ طرَفا كبيرًا مِنْ تِلك َ المخارِيْق ِ الشَّيْطانِيَّةِ، وَذكرَ أَنهُ لوْ ذكرَ كلَّ مَا يَعْرِفهُ مِنْ ذلِك َ لاحْتَاجَ إلىَ مُجَلدٍ كبيرٍ فِي ذلِك َ!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015