فكيْفَ يتخِذُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ الخيْفِ مَسْجِدًا؟! وَيُصَلي فِيْهِ؟! وَيَدَعُ المسْلِمِيْنَ يُصَلوْنَ فِيْهِ؟! ثمَّ يحْذَرُ عَليْهمْ مِنَ اتخاذِ قبْرِهِ مَسْجِدًا وَعِيْدًا، وَلا يَحْذَرُ عَليْهمُ اتخاذَ قبْرِ سَبْعِيْنَ نبيًّا مَسْجِدًا وَعِيْدًا؟! {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.

فلا شَك َّ أَنَّ حَدِيْثَ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا هَذَا: حَدِيْثٌ بَاطِلٌ مُنْكر.

الثانِي: أَنهُ مُخالِفٌ لِلإجْمَاعِ، وَقدْ قدَّمْنَاهُ في «فصْل ِ تَحْرِيْرِ مَحَلِّ النزَاعِ» أَوَّلَ الكِتَابِ (ص13 - 19)، وَذكرْنا هُنَاك َ إجْمَاعَ أَهْل ِ العِلمِ كافة ً، عَلى حُرْمَةِ اتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ، وَالمسَاجِدِ عَلى القبوْر.

الثالِثُ: أَنهُ مُخالِفٌ لإجْمَاعٍ آخَرَ أَيضا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ إجْمَاعُ العُلمَاءِ عَلى جَهَالةِ قبوْرِ الأَنبيَاءِ، وَعَدَمِ قطعِهمْ بقبْرِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، سِوَى قبْرِ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُوْنَ غيْرِه.

أَمّا بَقِيَّة ُ قبوْرِهِمْ ففِيْهَا خِلافٌ كبيْرٌ، وَالرّاجِحُ المقطوْعُ بهِ: بُطلانُ نِسْبتِهَا إليْهمْ، سِوَى قبْرِ إبْرَاهِيْمَ عَليْهِ السَّلامُ، ففِي قبْرِهِ نِزَاعٌ، وَالجمْهُوْرُ عَلى ثبوْته.

قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ- كمَا في «مَجْمُوْعِ الفتَاوَى» (27/ 141) -: (وَلِهَذَا كانَ العُلمَاءُ الصّالِحُوْنَ مِنَ المسْلِمِيْنَ لا يُصَلوْنَ في ذلِك َ المكان. هَذَا إذا كانَ القبْرُ صَحِيْحًا فكيْفَ وَعَامَّة ُ القبوْرِ المنْسُوْبةِ إلىَ الأَنبيَاءِ كذِبٌ، مِثْلُ القبْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015