أَمّا دَلِيْلهُ الثانِي: فقالَ: (بناءُ رَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَهُ فِي مَقبَرَةٍ لِلمُشْرِكِيْنَ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُوْرٌ وَهُوَ فِي «الصَّحِيْحَيْن ِ» (?)) انتهَى كلامُه.
وَهَذَا فِيْهِ تَلبيْسٌ وَتَدْلِيْسٌ، فإنَّ بناءَ الرَّسُوْل ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَسْجِدِهِ فِي مَقبَرَةٍ لِلمُشْرِكِيْنَ، كانَ بَعْدَ نبْش ِ قبوْرِهِمْ وَإزَالتِها. وَهذَا ليْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَإنمَا النِّزَاعُ فِي جَوَازِ الصَّلاةِ فِي المقبرَةِ قبْلَ النَّبْش.
لِهَذَا لمْ يَذْكرِ المعْتَرِضُ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الصَّحَابة َ بنَبْش ِ قبوْرِ المشْرِكِيْنَ وَإزَالتِهَا، لِيسْلمَ لهُ اعْتِرَاضُه!
قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ-كمَا فِي «مَجْمُوْعِ الفتاوَى» (21/ 321) -: (ومَسْجِدُ رَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ كانَ مَقبَرَة ً لِلمُشْرِكِيْنَ، وَفِيْهِ نخلٌ وَخِرَبٌ، فأَمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باِلنَّخل ِ فقطِعَتْ، وجُعِلتْ قِبلة َ المسْجدِ، وَأَمَرَ باِلخِرَبِ فسُوِّيتْ، وأَمَرَ باِلقبوْرِ فنبشتْ، فهَذِهِ مَقبَرَة ٌ مَنْبُوْشَة ٌ، كانَ فِيْهَا المشْرِكوْن) انتهَى، وَهَذَا فِي «الصَّحِيْحَيْن» (1) وَتقدَّم.