وأمّا المشْركون فقد ذكر الله ذلك عنهم في قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} الآية [فصلت: 5]، فكانوا عالمين بأن محلَّ العقل القلب، ولذا قالوا: قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه، ولم يقولوا: أدمغتنا في أكنَّة ممَّا تدعونا إليه، والله لم يُكذِّبهم في ذلك، ولكنه وبَّخَهم على كفرهم بقوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} الآية [فصلت: 9].
وهذه الآيات -التي أُطْلِقَ فيها القلب مرادًا به العقل؛ لأنَّ القلب هو محلُّهُ- أوضحَ اللهُ المراد منها بقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} الآية [الحج: 46]؛ فصَرَّحَ بأنَّهم يعقلون بالقلوب، وهو يدل على أنَّ محلَّ العقل القلب دلالةً لا مطعن فيها كما ترى.
وقال تعالى: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} الآية [الشورى: 24]، ولم يقل: يختم على دماغك.
وقال تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} الآية [الأنعام: 46]، ولم يقل: وختم على أدمغتكم.