الذلول هي التي ذُلِّلَت بالرياضة حتى صار يعمل عليها؛ أي: يحرث عليها ويُستقى، تقول العرب مثلًا: هذه دابة ذلول بينة الذِّل بالكسر، ورجلٌ ذليل بيِّنُ الذُّل بالضم، إنَّها بقرة لا ذلول؛ أي: لم تذلل بالرياضة بلْ هي صعبة متوحِّشة.
وقوله: {لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ} يعني لم تذلل ليست بذلول مُرَوَّضة، ولا تثير الأرض أي لا يحرث عليها لأن البقر تثارُ عليها الأرض للحرث، وهذه البقرة لم تذلل بالرياضة ولم تثر أرض الحرث لصعوبتها وتوحشها، فليست مروضة يعني ليست ممَّا يحرث عليه ولا مما يُستنى عليه لسقي الزرع لأنها صعبة متوحشة، وهذا هو التحقيق أن تثير وتَسقي كلها معطوفاتٌ على النفي فهي منتفية، والمعنى لا ذلول ليست مذلَّلة مروَّضة تثير الأرض للحرث، ولا تسقي الحرث أيضًا لأنها صعبةٌ متوحشة، خلافًا لمن زعم أنَّ تثير الأرض مستأنفٌ، والذين قالوا تثير الأرض يرد قولهم أنَّه قال: لا ذلول، والمروضة للحرث ذلول.
وأجاب بعضهم: أن المراد بتثير الحرث تثير الأرض؛ أي: تثيرها بشدة وطء أظلافها لنشاطها وقوتها، وهذا خلاف الظاهر بل معنى الآية أن من صفات هذه البقرة: أنها غير مروضة وغير مذللة فليست تثير الأرض لأنها لم تذلل لذلك ولا تسقي الحرث ولا