لهم فظلل الله عليهم الغمام، والغمام: اسم جنس واحدهُ غمامة، وهو غمام أبيض رقيق يظلهم من الشَّمس، وفي قصتهم: أنَّه إذا كان في الليل ارتفع ليستضيئوا بضوء القمر، وصيغة الجمع في قوله: ظللنا للتعظيم، {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} ولما اشتكوا في التيه من الجوع دعا الله نبيهم فأنزل عليهم المنَّ والسلوى، وأكثر علماء التفسير على أن المنَّ: الترنجبيل، وهو شيءٌ ينزل كالندى، ثم يجتمع أبيض حلوًا يشبه العسل الأبيض، هذا قول أكثر المفسرين في المراد بالمن.
قال بعض العلماء: ولا يعارض هذا ما ثبت في الصحيح عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "الكمأةُ من المنِّ وماؤها شفاءٌ للعَيْن" قالوا: فمراده - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (من المنِّ)؛ أي: من جنس ما منَّ الله به علي بني إسرائيل حيث إنهُ طعام يوجد فضلًا من الله تعالى من غير تعب، وظاهر الحديث أن الكمأة من نفس ما منَّ الله به علي بني إسرائيل في التيه.
وقوله: {وَالسَّلْوَى} جمهور المفسرين أو عامة المفسرين على أن السلوى: طير، قال بعضهم: هو السماني، وقال بعضهم: طائر يشبه السماني، وتفسير من فسَّر السلوى بأنه العسل غير صواب، وكذلك ادعاء أنَّ السلوى لا يطلق على العسل في لغة العرب غير