وقوله جلَّ وعلا {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} عَبَّر بالليالي لأنها قبل الأيام، والمقرَّر في فنِّ العربية أن التاريخ بالليالي لأنَّها قبل الأيام، فلما انتهى هذا الميعاد أنزل عليه التوراة، وكتبها له في الألواح كما يأتي تفصيله في سورة الأعراف.

وقوله: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} قرأه بعض السبعة: {ثُمَّ تخَذْتم الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ}، وقرأه بعضهم: {ثُمَّ اتخذتُّم الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} بالإدغام، وأصل الاتخاذ على التحقيق -عند علماء العربية- افتعالٌ من الأخذ أصله ائتخاذ، وإبدال الهمزة تاءً يحفظ ولا يُقاس عليه، وإنَّما المقيس إبدال فاء المثال أعني واويَّ الفاء، أو يائيَّ الفاء كالاتّجاه، والاتّسار، إبدال الواو فيه تاء. أمّا إبدال الهمزة تاءً فهو شاذٌ يحفظ ولا يقاس عليه، كاتَّكل، واتَّزر، واتَّخذ، بناء على الصحيح بأنَّها افتعل من الأخذ.

وأصل العجل ولد البقرة، ويجمع على عجاجيل على غير قياس كما عقد مثله في الخلاصة بقوله:

وحائدٌ عن القياسِ كلُّ ما ... خالفَ في البابينِ حكمًا رُسما

وهذا العجل هو العجل الذي صاغه لهم السامري من حلي القبط المذكور في قوله: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015