فيُنقذ من النَّار، وقد تكون لرفع الدرجات، والشفاعة الكبرى في فصل القضاء بين الخلق، فمعنى قوله إذًا: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} هذا إذا كانت كافرة على الإطلاق ولو كانت مؤمنة لا تقبل الشفاعة إلَّا بإذن ربِّ السماوات والأرض.

وقوله: {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} العدل: الفداء، وإنَّما سمي الفداء عدلًا لأنَّ فداء الشيء كأنَّه قيمة معادلة له ومماثلة له تكون عوضًا وبدلًا منه، قال بعض علماء العربية: ما يعادل الشيء ويُماثله إنْ كان من جنسه قيل له: عِدل بكسر العين، ومنه عدلا البعير أي عكماه لأنَّهما متماثلان، أما إن يماثله ويساويه وليس من جنسه قيل فيه عَدل بفتح العين، ولذا سمي الفداء عدلًا لأنه شيءٌ مُماثلٌ للمفدي ليس من جنسه، ومن هذا المعنى قوله جلَّ وعلا: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]، لأن ما يعادل الإطعام من الصِّيام ليس من جنسه، فإذا كان من جنسه قيل فيه عِدْلٌ، وهو معروف في كلام العرب وقد كَرَّره مهَلْهِلُ بنُ ربيعة في قصيدته المشهورة في قوله:

على أنْ ليس عِدْلًا من كليبٍ ... إذا طُردَ اليتيمُ عن الجزورِ

على أنْ ليس عِدْلًا من كليبٍ ... إذا ما ضيمَ جيرانُ المجيرِ

على أنْ ليس عِدْلًا من كليبٍ ... غداةَ بلابلِ الأمرِ الكبيرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015