الحمدُ لله الَّذِي أنْشَأَ الخلائِقَ بقدرتِه، وأظهر فيهِم عجائبَ حكمتِهِ، ودَلَّ بآياتِه على ثبوتِ وحدانيَّته، قضى على العاصِي بالعقوبةِ لِمُخَالفته، ثم دَعَا إلى التوبةِ ومَنَّ عليه بقبول توبتِه، فأجيبوا داعيَ الله وسابقوا إلى جنتِه، يغفرْ لكم ذنوبَكم ويؤتِكم كفْلينِ من رحمتِه، أحمدُه على جلالِ نعوتِه وكمال صِفَتِهِ، وأشكرُه على توفيقِه وسوابغ نعمتِهِ، وأشهدُ أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ لَهُ في ألوهيته وربوبيتِه، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه المبعوثُ إلى جميع بَريَّته، بشيراً للمؤمنين بجنتِه، ونذيراً للكافرين بنارِه وسطْوتِه، صلَّى الله عليه وعلى أبي بكرٍ خليفتِه في أمتِه، وعلى عمرَ المشهورِ بقَّوتِه على الكافرينَ وشدَّتِه، وعلى عثمانَ القاضي نحَبه في محنتِه، وعلى عليٍّ ابن عمه وزوج ابنته، وعلى سائر آله وأصحابه ومن تبعه في سنته، وسلَّم تسليماً.
إخواني: سبقَ في الدرسِ الماضِي ذِكرُ عدَّةِ أسبابٍ من النوع الأوَّل من أسباب دخولِ النار المُوجِبَةِ للخلودِ فيها، وها نحنُ في هذا الدرس نذكرُ بمعونَةِ الله عدةَ أسباب من النوع الثاني، وهي الأسبابُ التي يستَحِقُّ فَاعلُها دخول النار دونَ الخلودِ فيها.
السببُ الأوَّلُ: عُقُوقُ الوالِدَين وهما الأُمُّ والأبُ، وعقوقُهما أنْ