رضي الله عنهما قالَتْ: أفْطرْنَا في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم يوم غيم ثم طلعت الشمس، ولم تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمرَهُمْ بالقضاءِ، لأنهم كانوا جاهِلينَ بالوقتِ ولو أمَرهُمْ بالقضاءِ لنُقِلَ، لأنه ممَّا توَفَّرُ الدَّواعِي على نقلِهِ لأهميَّتِه، بل قالَ شيخُ الإِسلام ابن تيمية في رسالةِ (حقيقة الصيام): إنه نَقَل هشامُ بنُ عُرْوةَ أحدُ رواة الحديث عن أبيهِ عروةَ أنهم لم يؤمَرُوا بالقضاءِ. لَكنْ متى علِم ببقاءِ النهارِ وأن الشَّمسَ لم تغب أمْسكَ حتى تغيبَ.
ومثْلُ ذَلِكَ لَوْ أكَلَ بعد طلوع الفجرِ يظنُّ أنَّ الْفَجْر لَمْ يطْلُعْ، فتبيَّن له بعد ذلك أنه قد طلعَ فصيامُه صحيحٌ ولا قضاءَ عليه لأنَّه كان جاهِلاً بالوقتِ، وقد أباحَ الله له الأكل والشربَ والجِماعَ حَتَّى يتبيَّنَ له الْفَجرُ، والمُباحُ المأذونُ فيه لا يُؤمَر فاعِلهُ بالقضاء، لكن متى تبيَّنَ له وهو يأكلُ أو يشربُ أن الشمسَ لم تغربْ أو أن الفجرَ قد طلع أمسكَ ولفَظَ ما في فمه إن كان فيه شيء لزوال عذرِه حينئذٍ.
الشَّرطُ الثاني: أنْ يكونَ ذاكِراً، فإنْ كان ناسياً فصيامهُ صحيحٌ ولا قضاءَ عليه لمَا سبق في آيةِ الْبقرةِ، ولما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «من نَسِي وهُوَ صائمٌ فأكَلَ أو شرِب فليُتِمَّ صَوْمَه فإنَّما أطْعمَه الله وسقاه»، متفق عليه واللَّفظ لمسلم. فأمْرُ النبي صلى الله عليه وسلّم بإتْمامِه دليلٌ على صحتِه، ونِسْبَةُ إطعام النَّاسِي وسقْيهِ إلى الله دليلٌ على عدم المؤاخذةِ عليه. لكن متى ذَكَرَ أو ذُكِّرَ أمْسَكَ ولَفَظَ ما في فَمِه إن كان فيه شيءٌ لِزَوال عُذْره حِيْنَئذٍ، ويجب على