وقيل أيضاً: نزلت هذه الآية الكريمة: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:47]، في أهل البدع الذين يظنون أنهم يتقربون إلى الله عز وجل، وهم إنما يبتعدون عن الله عز وجل، فكلما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً ازداد من الله عز وجل بعداً، قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف:103 - 104].
وصف النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج فقال: (يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وقراءته إلى قراءتهم -ثم قال:- يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
إذا لم يكن من الله عون للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده وقالوا: ليس لصاحب بدعة توبة؛ لأن البدعة تزين لأصحابها، ويظنون أنهم على هدى، ويظنون أنهم يتقربون إلى الله عز وجل، وهم إنما يبتعدون عن الله عز وجل.
قيل لبعض العلماء: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم؟ قال: ألم تسمع قول الله عز وجل: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة:93]، فقيل: نزلت هذه الآية الكريمة: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:47] في أهل البدع.