وصف علي رضي الله عنه الصحابة الكرام فقال: رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أر اليوم شيئاً يشبههم، كانوا يصبحون شعثاً صفراً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى، قد باتوا سجداً وقياماً، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا تمادوا كما يميد الشجر يوم الريح وهملت أعينهم بالدموع، فوالله لكأني بالقوم باتوا غافلين.
وقال الحسن: أدركت أقواماً وخالطت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل، ولا يأسفون على شيء منها أدبر، ولهي كانت في أعينهم أهون من التراب، ولقد كان الواحد منهم يعيش خمسين سنة أو ستين سنة لم يطو له ثوب ولم يوضع بينه وبين الأرض شيء، ولا أمر من في بيته بصنعة طعام قط، فإذا كان الليل فقيام على أقدامهم يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فو الله ما سلموا من الذنوب، ولولا مغفرة الله ما نجوا، فرحمة الله عليهم ورضوانه.