وجدت بخط أبي العباس ثعلب: قال أبو عثمان المازني: لا يجوز: لا رجل زيد البتة، لا على التكرير ولا على الإفراد؛ لأن لا إذا لم يكن شيئا بعينه لم يكن خبره شيئا بعينه. قلت: لا رجل أفضل منك، أليس هو شيئا معروفا بعينه؟ قال: لا، لأن أفضل منك صفةٌ للخلق.
وقال: قال الأخفش ورواه رواية: لا موضع صدقة أنت. قال: هو عندي ظرفٌ، كأنه قال: لا أنت في موضع صدقة. ولم يحتج إلى تكرير لا، لأنه كالمثل، لأن لا إذا وقعت على معرفة فلا بد من تكرير الكلام. فأنت معرفة ولكنه كالمثل، والمثل يجيء على خلاف الباب. ألا ترى أنك تقول: ((وريت بك زنادي)) في المثل، وفي الكلام: ورت الزناد ترى. ومثله قوله: ((أساء سمعا فأساء جابة)) ، وفي الكلام تقول: أجاب إجابة وجوابا، كل ذلك يجوز، ولا يجوز في المثل إلا ما حكي.
وقال: محالٌ أن تقول: لا فتى هيجاء أنت، لا تكون معرفة. قلت: فتقول:
لا سيف إلا ذو الفقار ... ولا فتى إلا علي
أليس ذو الفقار معرفة وعلى معرفة؟ فقال المازني: معناه لا سيف موجودٌ إلا ذو الفقار، ولا فتى موجودٌ إلا علي. والعرب قد توسعت في إضمار خبر النفي. ألا ترى أنك تقول: لا بأس ولا ضير، تضمر الخبر، وذلك موجود. وقولهم: لا عليك، أشد من هذا، ومعناه: لا بأس عليك.