قال أبو العباس أحمد بن يحيى: أتيت محمد بن حبيب وقد كان بلغني أنه يمل شعر حسان بن ثابت، فلما عرف موضعي قطع الإملاء، فترفقت به فأمل. وكان لا يقعد في المسجد الجامع، فعذلته على ذلك فأبى، فلم أزل به حتى قعد في جمعةٍ من الجمع واجتمع الناس، فسأله سائلٌ عن هذه الأبيات:
أزحنة عني تطردين تبددت ... بلحمك طيرٌ طرن كل مطير
قفي لا تزلي زلةٌ ليس بعدها ... جبورٌ، وزلات النساء كثير
فإني وإياه كرجلي نعامة ... على كل حالٍ من غنى وفقير
ففسر ما فيه من اللغة، فقيل له: كيف قال: ((من غنى وفقير)) ، وإنما كان يجب أن يقول: من غنى وفقر. فاضطرب، فقلت للسائل: هذا عربيةٌ وأنا أنوب عنه. وبينت العلة. فانصرف ثم لم يعد بعد ذلك للقعود وانقطعت عنه.