إن الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما على من يتكل
قال أبو عثمان: الموصل على إلى من يجد، أن يجد هو الموصل على إلى من عداه بحرف جر، وهو من الأفعال التي لا تعدى بحرف إضافة إلا للاضطرار، كما قال تبارك وتعالى: {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} وإنما يريد ردفكم –والله أعلم- فعداه بحرف جر، كما تقول ضربت فتصوغه صياغة ما لا يتعدى، ثم يبدو لك أن تعديه فتقول لزيد، ويكون معنى المجرور معنى المنصوب. وأضمر (عليه) ، لأنه صلةٌ له. وإنما جاز إضمارها لذكر ((على)) أول الكلام، لأنه تفسير لما أضمره.
قال أبو يعلى: قوله أضمر عليه، يعني أضمر: إن لم يجد يوما على من يتكل عليه، فأدخل على الأولى ولم يحتج إليه، مثل قولك ضربت لزيد، إذا أردت أن تقف على ضربت، ثم يبدو لك أن تعديه بحرف جر.
وأخبرني الرياشي قال: وجدت أصيره بمنزلة علمت، كأنك قلت: إن لم يعلم يوما على من يتكل عليه. وكذا قال المبرد: كقولك: وجدت زيدا كريما. قال الفراء: يجد بمعنى يدري. وقيل لامرأة: أنزلي قدرك، فقالت: ((لا أجد بم أنزلها)) ، أي لا أدري.
قال أبو العباس المبرد: قال لي المازني: إن لم يجد، يريد يكتسب. وعلى من، استفهامٌ، فكأنه قال: إن لم يكتسب يوما شيئا فعلى من يتكل، فكأنه قال: إن لم يجد أعلى زيد يتكل أم على عمرو. فمعنى الشعر على ذا يدل، ومعنى يعلم يعرف، كأنه قال: إن من لم يعرف من يأخذ منه شيئا اعتمل واكتسب. ألا ترى أنك تقول: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو؛ ثم تنفي فتقول: ما علمت أزيد في الدار أم عمرو.