قال أبو عثمان المازني: قال أبو الحسن: إن ((منذ)) إذا رفعت بها كان اسما وما بعده خبره، وإذا جررت بها كان حرفا جاء لمعنى. فقال له الرياشي: فلم لا يكون في حال ما ترفع وتجر جميعا اسما، كما تقول ضاربٌ زيدا وضارب زيد، فقد رأينا الاسم ينصب الاسم ويجر. فلم يأت الأخفش بمقنع. فقال أبو عثمان: أقول أنا: إنه لا يشبه الأسماء، وذلك أني لم أر الأسماء على هذه الهيئة. قد رأينا الأسماء المبتدأة تزول عما هي عليه ولا تلزم موضعا واحدا لا تغير عن مكانه الذي هو عليه، وإنما هو الحرف الذي جاء لمعني، فهو حرفٌ جاء لمعنىٌ مثل أين وكيف. وألزم شيئا واحدا.
قال أبو يعلى بن أبي زرعة: فقلت لأبي عثمان: حرف جاء لمعنى هل رأيته قط يعمل عملين جر ورفع؟ فقال: وقد رأيته يعمل عملين ينصب ويجر، مثل قولك: أتاني القوم خلا زيد وخلا زيدا.
قال أبو عثمان: أقول: العوامل هي الأفعال إنما ترفع الشيء الواحد، ولم أرها رفعت شيئين إلا بحرف عطف مثل قام زيد وعمرو. قال: ولا يجوز أن ترفع بالابتداء المبتدأ وخبره.
قلنا له: فإن الصفة هو مرتفع أيضا، إذا قلت قام زيد العاقل، فقد رفعت شيئين بغير حرف عطف.
فقال: الموصوف قد اشتمل على الصفة.